ضحايا الإرهاب الانفصالي يخرجون عن صمتهم: محور الجزائر–إيران–حزب الله في دائرة الاتهام مجددا

Lors d'une démonstration de force des miliciens du Polisario à Tindouf, en territoire algérien.

خلال استعراض للقوة من قبل ميليشيات البوليساريو في تندوف، على الأراضي الجزائرية. AFP or licensors

في 14/06/2025 على الساعة 11:24

بينما تحثّ « الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب » (ACAVITE) الولايات المتحدة على إدراج جبهة البوليساريو في قائمتها السوداء للتنظيمات الإرهابية، مشيرة إلى مئات الهجمات التي استهدفت مدنيين إسبان خلال « العقد الأسود »، تعود إلى الواجهة تصريحات نارية للدبلوماسي الإيراني السابق في الجزائر، أمير موسوي، لتؤكد الشبهات حول تحالف نشِط يجمع الجزائر، إيران، وحزب الله لدعم هذا التنظيم الانفصالي المسلح، خصوصا عبر طهران. تشابك المعطيات يعزّز المطالب الملحّة باعتبار البوليساريو منظمة إرهابية.

في ظل تصاعد الدعوات المطالبة بتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، تتكشّف تدريجيا خيوط تحالفاتها مع إيران، حزب الله والجزائر، في تقاطع خطير مع ماضيها الدموي، ولا سيما ضد مدنيين إسبان. اعتراف ينتظره ضحايا تلك المرحلة، ممن ظلوا لعقود طيّ النسيان، وتعيد الجمعية الكنارية لضحايا إرهاب البوليساريو (ACAVITE) اليوم المطالبة به.

وقالت الجمعية في بيان لها نشرته صحيفة La Provincia في عددها الصادر بتاريخ 10 يونيو:« إن المطالب الأخيرة الداعية إلى إدراج جبهة البوليساريو على اللائحة السوداء الأمريكية للتنظيمات الإرهابية، لا يجب أن تُختزل في مجرد إشارة دبلوماسية، بل يجب أن تُعدّ، في الحد الأدنى، فعلًا من أفعال العدالة الذاكرية والسياسية. ذلك أن خلف النقاشات الجيوسياسية الراهنة، يكمن ماضٍ ثقيل يتجاهله كثيرون: جرائم إرهابية ارتكبها البوليساريو بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي."

خلال هذا « العقد الأسود »، تبنّى التنظيم أو تورّط في قرابة 300 هجوم استهدف مدنيين إسبان، من بينهم صيادون من جزر الكناري، الأندلس، غاليسيا، وإقليم الباسك، إضافة إلى عمال منجم فوسبوكراع قرب العيون. هذه الهجمات المتعمّدة، التي طُمست طويلاً، موثقة اليوم عبر مصادر قضائية وصحافية إسبانية.

وتُذكّر الجمعية أن إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو الحالي، كان حينها وزيرا للدفاع، واسمه مرتبط بهجومين شهيرين:

  • مجزرة « كروز ديل مار » عام 1978، التي أُعدم خلالها سبعة بحّارة بإجراءات ميدانية.
  • اختطاف سفينة « منسي دي أبونا » سنة 1980، حيث وُجد ربانها، دومينغو كينتانا، مخنوقًا وعليه علم البوليساريو.

لم تُفتح أي محاكمات بخصوص هذه الجرائم، ولم يُحاسب أي مسؤول، فيما تصطدم عائلات الضحايا بصمت سياسي داخل إسبانيا، وتواطؤ إعلامي يكرّس النسيان المؤسسي.

حين يلتقي ماضي الإرهاب بتهديدات الحاضر

لا يمكن فصل التاريخ الدموي للبوليساريو عن تعقيداتها الراهنة، وهو ما نبّهت إليه العديد من مراكز الفكر الأمريكية.فحسب دراسة حديثة صادرة عن معهد هادسون، أحد أبرز مراكز الأبحاث الأمنية بواشنطن، فإن الجبهة تُقيم اليوم روابط مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. وتشير المعطيات إلى تدريب العديد من مقاتليها في سوريا، حيث شاركوا في دعم نظام بشار الأسد.

صحيفة «واشنطن بوست» نشرت في أبريل الماضي أن مئات المقاتلين من البوليساريو، تلقوا تدريبا إيرانيا وشاركوا في المعارك بسوريا حتى سقوط النظام. هذا في وقت يدفع فيه السيناتور الأمريكي جو ويلسون نحو تمرير قانون يصنّف الجبهة كتنظيم إرهابي.

إلى جانب ذلك، تواجه الجبهة اتهامات بتغذية تهريب الأسلحة في منطقة الساحل، المتفجرة باللااستقرار، مما يضعها في المنطقة الرمادية حيث يتقاطع الإرهاب مع الجريمة والطرح الانفصالي.

أخطر الأدلة جاءت من الداخل

أقوى تأكيد على هذه الروابط جاء على لسان رجل من قلب المنظومة: أمير موسوي، المُلحق الثقافي الإيراني السابق في سفارة طهران بالجزائر، والذي ورد اسمه في قرار المغرب قطع العلاقات مع إيران سنة 2018.

في أكتوبر 2022، وخلال ظهوره على قناة " الميادين" المقرّبة من حزب الله، ردًّا على سؤال بشأن الدعم الإيراني لحزب الله، لوّح موسوي بتهديد مبطّن:« لو أردنا، لسقطت الصحراء في غضون ساعات.« تصريح لم يُنكر العلاقة، بل أوحى بقوة الدعم العسكري الذي يوفره محور إيران–حزب الله–الجزائر للبوليساريو.بل أكثر من ذلك، تحدّث موسوي صراحة عن « محور ثلاثي »، في اعتراف مباشر بالتحالف المنظّم بين هذه القوى لدعم الجبهة الانفصالية.

التهديدات مستمرة.. واللغة لم تتغير

منذ ذلك الحين، لم يتغير شيء، بل زادت حدّة التصعيد.في يناير 2025، هدّد القيادي البارز في البوليساريو بشير مصطفى السيد بشكل علني موريتانيا بسبب تعاونها مع المغرب.وقبل عام، دعا صراحة إلى تكثيف العمليات الإرهابية ضد المدنيين في الصحراء المغربية:« يجب أن يقنع كل مناضل ثلاثة أشخاص بزرع قنابل. كل عنصر عليه أن يُفجّر ثلاث أو أربع عبوات كل ليلة في السمارة أو الداخلة أو بوجدور."

تصريحات تعكس فكرًا إرهابيًا صريحًا. وبالنسبة للضحايا، فإن تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي يجب أن يستند إلى تحالفاتها مع أنظمة ومنظمات إرهابية، لكنه قبل كل شيء، يجب أن ينبني على سجلّها الدموي، خصوصًا تجاه رعايا دولة حليفة تاريخيًا للولايات المتحدة: إسبانيا.

الفرصة اليوم سانحة أمام الإدارة الأمريكية لتصحيح مجرى التاريخ: تكريم من سقطوا في أعماق الأطلسي أو برصاص ميليشيا البوليساريو. تسميتهم هو رفض للنسيان. والاعتراف بضحاياهم هو تمهيد لذاكرة عادلة، بحسب الجمعية التي ترى أن تصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي هو عدالة عابرة للحدود، وقطع نهائي مع التواطؤ الماضي، وإحياءٌ لحقيقة دُفنت طويلا.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 14/06/2025 على الساعة 11:24